اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 378
بفضله ويعصمني بلطفه عما يبعدنى من كنف حفظه وجواره
وَبعد ما فتش الملك عن أحواله وما جرى عليه وثبت وتحقق عنده أمانته وديانته ورعايته حقوق سيده وحفظ الغيب معه ورشده في الأمور سيما في التعبيرات والتأويلات وصدقه في جميع الأقوال الصادرة عنه قالَ الْمَلِكُ متحننا عليه متشوقا الى لقائه ائْتُونِي بِهِ سريعا أَسْتَخْلِصْهُ واجعله خالصا لِنَفْسِي ليكون أنيسي وجليسي ومولى أموري وظهيري في عموم تدبيرى فاحضروه عنده وسلّم على الملك ترحيبا وتعظيما فَلَمَّا كَلَّمَهُ وأخذ بحمد الملك وثنائه ودعائه باللغة العبرية قالَ الملك ما هذا اللسان قال هذا لسان آبائي وأجدادي وكان الملك يتكلم على سبعين لغة فكلم معه بجميعها فأجاب بجميعها واحسن فيها فتعجب الملك منه وقال أريد ان اسمع تأويل رؤيائي من فيك فحكاه وبين وجوه المناسبات بين البقرات والسنوات المجدبة والمخصبة وكيفية الانتقالات والتعبيرات على مقدار فهم الملك وتأويلات السنابل الخضرة واليابسة على الوجه الذي الهم واوحى فازداد الملك محبة ومودة لذلك قال إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ ذو مكانة ومرتبة علية ومنزلة رفيعة أَمِينٌ مؤتمن على عموم أمورنا فلك اليد والتصرف في ملكنا كيف تشاء وبعد ما تفرس يوسف عليه السّلام ان لا محيص له عنه ولا بد له من ارتكاب امر من امور الملك
قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ اى ارض مصر إِنِّي بإقامة هذه الخدمة حَفِيظٌ بوجوه محافظة اى جنس من الأجناس عَلِيمٌ بطرق تدابيرها والتصرف فيها قيل قد اتفق وفات قطفير هو سيد يوسف عليه السّلام في تلك الليالى وقد كان هذا المنصب له لذلك طلبه وتزوج زوجته التي قد شغفها حبا فوجدها عذراء وولد ليوسف افرائيم وميشا
وَكَذلِكَ ومثل ما سمعت من القصة قد مَكَّنَّا واقدرنا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ اى في ارض مصر بعد ما أدخلناه فيها رقيقا مهانا وصيرناه محبوسا مسجونا مدة متطاولة ورفعنا مكانته فيها الى حيث يَتَبَوَّأُ يتنعم ويترفه مِنْها اى من نواحيها وبلادها حَيْثُ يَشاءُ وتهوى نفسه ويميل إليها طبعه إذ من سنتنا القديمة وعادتنا المستمرة انا نُصِيبُ ونوفى بِرَحْمَتِنا التي قد وسعت كل شيء مَنْ نَشاءُ من خلص عبادنا المجبولين على فطرة توحيدنا السالكين سبيل الانابة والرجوع الى فضاء فنائنا وَبالجملة نا لا نُضِيعُ ولا نهمل ولا ننقص أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ الذين يحسنون الأدب مع الله في عموم أحوالهم وشئونهم ولا يغفلون عنه سبحانه طرفة ولا يلتفتون الى غيره لمحة ولا يخطر ببالهم سواه خطرة هذا مآلهم في النشأة الاولى
وَالله لَأَجْرُ النشأة الْآخِرَةِ المعد لهم فيها خَيْرٌ منها بأضعاف وآلاف كل ذلك لِلَّذِينَ آمَنُوا بتوحيد الله عن ظهر القلب وصميم الفؤاد وَكانُوا يَتَّقُونَ عن محارم الله طلبا لمرضاته وقياما بحسن آدابه ورجاء من ثوابه وخوفا من عقابه
وَحين استوزر الملك يوسف عليه السّلام واقام لضبط الممالك وقيام امور الناس من التدبيرات المتعلقة بأمور معاشهم من تكثير الغلات والزراعات وتحصيل الأرزاق والأقوات حتى دخلت السنون المجدبة وقد كانت البيوتات والمغلات المتعلقة للملك مملوة بأنواع الأقوات واصناف الحبوبات وبعد ما أحاط الجدب والقحط جميع بلاد المصر والشام وعمم البلوى في عموم الأماكن والجهات اضطر الناس من الأقاصي والأداني الى ان يلتجئوا الى باب العزيز ليستغلوا منه ويسدوا رمقهم بها لذلك قد جاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ من الكنعان ليستغلوا فَدَخَلُوا عَلَيْهِ بأجمعهم فَعَرَفَهُمْ في الفور وسألهم عن الوطن والمصلحة فقالوا نحن أولاد يعقوب عليه السّلام
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 378